المعلقة البابلية

د. محمد اسماعيل عبدالله القاسم

1: بـِ(بَاِبلَ) عَاشَ البَابِليُّ يُسَبِّبُ

بِأَلْوَاحِ طِيْنٍ يَسْتَعِيْنُ وَيَكْتُبُ

2: إِذَا مَا تَعَمَّدْتَ المَسِيْرَ لِـ(بَابِلٍ)

فَفِيْ (بَابِلٍ) سِرُّ الإلٰهِ المُغَيَّبُ

3: فَفِيْهَا تَرَاءَتْ نَارُ رَبِّكَ ضَحْوَةً

وَفِيْهَا تَرَاءَتْ نَارُ (نَمْرُوْدَ) تَلْهَبُ

4: وَفِيْهَا بَدَتْ جَنَّاتُ (عَدْنٍ) لِنَاظِرٍ

وَفِيْهَا غَدَتْ جَنَّاتُ (عَادٍ) تُجْنَبُ

5: وَفِيْهَا بَدَا (جِبْرِيْلُ) يَخْدُمُ (آدَمًا)

وَ(حَوَّاءُ) تَبْنِي بَيْتَهَا وَتُرَتِّبُ

6: وَفِيْهَا مَسَارِي (آدَمٍ) وَمَنَاقِلُهْ

وَبَيْتٌ بَنًاهُ اللهُ لِلدِّيْنِ يُنْصَبُ

7: وَ(شِيْثٌ) بَنَى فِيْهَا بُيُوْتًا لِأَهْلِهِ

وَأَجْرَى بِهَا نَهْرًا كَرِيْمًا يُصَبِّبُ

8: وَ(أَنُّوْشُ) مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ أَقَامَهَا

بِلَادًا بَنَاهَا تَسْتَطِيْلُ وَتُرْهَبُ

9: وَ(قِيْنَانُ) (فِرْوَاكٌ)، أَدَامَ الهُدَى لَهُمْ

وَأَنْجَبَ (مِهْلَائِيْلَ) يَبْكِيْ وَيَنْحَبُ

10: وَحَدَّدَ (مِهْلَائِيْلُ) أَرْكًانَ مُلْكِهِ

بَنَى (بَابِلًا) سِرًّا عَجِيْبًا فَيُعْجِبُ

11: وَأُعْطِيْ أَقَالِيْمَ البِلَادِ جَمِيْعَهَا

وَفَرَّقَ فِيْهَا أَهْلَهَا، وَهْوَ مُرْهَبُ

12: وَ(يَرْدٌ) لَهُ بَعْدَ الْجَمِيْعِ إِقَامَةٌ

 فَبِالْعَدْلِ حَقًا أَنْ يُقَامَ وَيُنْصَبُ

13: و(أَخْنُوْخُ) عَاشَ الدَّهْرَ فِي كَنَفَاتِهَا

وَعَمَّرَ دَهْرًا مَا يَحِيْدُ وَيَهْرُبُ

14: فَـ(إِدْرِيْسُ) قَدْ أَرْسَى دَعَائِمَ دَرْسِهِ

بِمَا قَدْ حَبَاهُ اللهُ عِلْمًا فَيَكْتُبُ

15: فَقَدْ خَطَّ بِالدَرْسِ الكِتَابَ بِخَطِّهِ

وَأَوْجَدَ نَسْخًا لِلْكِتَابِ يُرَغِّبُ

16: وَأَوَّلُ مَنْ حَاكَ الثّيَابَ بِكَفِّهِ

مَكَانًا عَلِيًّا يُرْتَقَى وَيُغَيَّبُ

17: وَجَاءَتْ (متُوْشَلْخًا) خِلَافَةُ أَهْلِهِ

لِدِيْنِ الإِلٰهِ الْحَقِّ حَقًّا يُحَبَّبُ

18: وَمِنْ بَعْدِهِ (لَامَاكُ) أَضْحَى وَصِيَّهُ

وَقَدْ قَامَ بِالْحَقِّ الصُّرَاحِ يُسَبِّبُ

19: وَمِنْ بَعْدِهِ (نُوْحٌ) أَتِى بِرِسَالَةٍ

وَعَمَّرَ دَهْرًا نَائِحًا يَتَعَجَّبُ

20: وَأَوْصَى بَنِيْهِ أَنْ تُقَامَ وِلَايَةٌ

بِهَا الْعَدْلُ أُسٌّ وَالْحَقِيْقَةُ مَذْهَبُ

21: بِدَهْرٍ طَوِيْلٍ عَاشَ يَدْعُو لِرَبِّهِ

وَيُعْطِي لَهُمْ نُصْحًا جَلِيْلًا وَيُسْهِبُ

22: وَأَبْلَى بَلَاءً وَافِرًا لَيْسَ يُنْكَرُ

وَأَعْطَى مِنَ الْجُهْدِ الْعَظِيْمِ يُصَوِّبُ

23: بَنَى فِيْهِمُ فُلْكًا عَظِيْمًا بِنَاؤُهُ

فَيُرْكِبُ فِيْهِ مِنْ جُمُوْعٍ تُغَلِّبُ

24: وَقَدْ قَسَّمَ اللهُ الْكَرِيْمُ بِنِيَّهُ

ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ تُعَدُّ وَتُحْسَبُ

25: فَـ(سَامٌ) وَ(حَامٌ) (يَافِثٌ) هُمْ سِهَامُهُ

وَهُمْ مَنْ لَهُمْ نَسْلُ الْبَرِيَّةِ يُكتَبُ

26: فَـ(سَامٌ) أَبُو الأَمْجَادِ كُلٌّ بِنَوْعِهِ

بِـ(بَابِلَ) عَهْدًا إِذْ يُقِيْمُ وَيُنْصَبُ

27: وَ(حَامٌ) أَبُو الْسُوْدَانِ قَرْعًا وَقُوَّةً

بِأَرْضٍ بَلَاهَا السُّوْءُ عَهْدًا يُرَسِّبُ

28: وَمِنْ (يَافِثٍ) كُلُّ الهُنُوْدِ جَممِيْعِهِمْ

(صَقَالِبَةٍ) (صِيْنٍ)، جُنُوْدٌ تُعَذَّبُ

29: وَ(غُوْلٌ) (مَغُوْلٌ) مَائِجُوْنَ بِرَوْعِهَا

وَ(يَأْجُوْجُ) (مَأْجُوْجٌ) بِـ(بِيْسَانَ) تُضْرَبُ

30: وَمِنْ بَعْدِ (نُوْحٍ) حَازَ (سَامٌ) بِفَضْلِهَا

عَلَى (بَابِلٍ) أَضْحَى زَعِيْمًا يُنَصَّبُ

31: وَمِنْ بَعْدِ (سَامٍ) (أَرْفَشَخْدُ) وَلِيُّهَا

أَقَامَ حَرِيْزًا بِالْبِلَادِ يُسَطِّبُ

32: وَمِنْ بَعْدِهِ (قِيْنَانُ) عَدْلٌ مُبَارَكٌ

بِـ(بَابِلَ) فَرْدًا إِذْ يُقِيْمُ وَيَحْدِبُ

33: لَهُ (شَالِحٌ) حَازَ الْفَضَائِلَ كُلَّهَا

وَمِنْ بَعْدِ ذَاكَ الْـ(عَابِرُ) الْمُتَعَرِّبُ

34: لَهُ (فَالِغٌ) (يَقْضَانُ) حَبْرًانِ نُزِّهَا

فَقَامَ قَسِيْمًا لِلْبِلَادِ يُرَتّبُ

35: وَمِنْ (فَالِغٍ) (رَعُّو) أَقَامَ وِصَايَةً

وَفِي عَهْدِهِ بُرْجٌ لِبَابِلَ يُنْصَبُ

36: وَمِنْ بَعْدِ (رَعُّو) جَاءَ (سَارُوْغُ) آخِذًا

بِهَدْي الْهُدَى وَهْوَ الْكَرِيْمُ الْمُهَذَّبُ

37: وَهَا هُوَ (نَاحُوْرٌ) يَطُلُّ بِهَيْبَةٍ 

بِـ(بَابِلَ) يُعْلِيْ بَيْتَهُ وَيُنَصِّبُ

38: وَمِنْ بَعْدِهِمْ كَانَ الْحُضُوْرُ لِـ(تَارِخٍ)

وَمِنْهُ بَدَا لِلْعَالَمِيْنَ كُوَيْكَبُ

39: فَـ(نَاحُوْرُ) (إِبْرَاهِيْمُ) (هَارَانُ) وُلْدُهُ

وَكَانَ لِإِبْرَاهِيْمَ عَزْمٌ يُصَوَّبُ

40: بِهَا حَطَّمَ الأَصْنَامَ إِذْ يَعْبُدُوْنَهَا

بِقُدُّوْمِ إِيْمَانٍ وَعَزْمٍ يُحَطِّبُ

41: فَلَمَّا رَأُوْهَا قَالَ (نَمْرِوْدُ): مَا لَهَا؟

فَقَالُوْا فَتًى يُغْرِي بِهَا وَيُؤَنِّبُ

42: فَقَالَ: ٱحْبِسُوْهُ عُنْوَةً، وَنِكَايَةً

نُؤَجِّجْ لَهُ نَارًا تُسْتَرَابُ وَتُرْهَبُ

43: فَيَا هَوْلَ تِلْكَ النَّارِ حِيْنَ أُجَاجُهَا

أَرَادُوْا بِهَا أَنْ يُبْتَلَى وَيُعَذَّبُ

44: وَقَالُوْا: إِلٰهٌ إِذْ يُعَذِّبُ خَلْقًهُ

وَ(نَمْرُوْدُ) فَوْقَ الْعَرْشِ يَحْكِيْ وَيَطْرُبُ

45: فَقَالَ الإِلٰهُ الْحَقُّ: كُوْنِيْ سَلَامَةً

وَطِيْبًا لِـ(إِبْرَاهِيْمَ) فَيْهَا يُقَلَّبُ

46: فَبَرْدٌ لَهُ فِيْهَا وَنَاَل كَرَامَةً

فَعَمَّرَ فِيْهَا أَرْبَعِيْنَ يُطَيَّبُ

47: لَقَدْ بَاتَ مَحْفُوْفًا بِخَيْرِ ضِيَافَةٍ

وَمَا كَانَ فِيْهَا يُسْتَهَانُ، يُعَذَّبُ

48: وَمِنْ بَعْدِ هَٰذَا الْحُزْنِ فَاءَ لِأَهْلِهِ

فَضَمُّوْهُ إِنْسَانًا، وَفِيْهِ تَعَجَّبُوْا

49: فَجَاءَ النِّدَاءُ الحَقُّ: هَاجِرْ لِأَرْضِنَا

فَهَاجَرَ مَحْرُوْسًا وَسَارَ يُصَوِّبُ

50: فَمَرَّتْ خُطَاهُ تَسْتَحِثُّ مَسِيْرَهَا

بِـ(كُوْفَانَ)، أَمْسَى لَيْلُهَا يَتَهَيَّبُ

51: وَقَدْ بَاتَ وَالْزِلْزَالُ يَضْرِبُ رُكْنَهَا

يَعِيْثُ بِأَنْحَاءٍ لَهَا وَيُخَرِّبُ

52: فَبَاتَ لِسَانُ الْحَقِّ رَطْبًا دُعَاؤُهُ

فَأَضْحَى سَلِيْمًا شَرْقُهَا وَالْمَغْرِبُ

53: وَلَمَّا تَنَاهَى فِيْ الْبِلَادِ رَأَى بِهَا

عَلَامَةَ خَيْرٍ، فَضْلُهَا يُتَصَيَّبُ

54: فَأَعْطَى بِهَا بَانِيْقِيَا إِنْ رَضَوْا بِهَا

وَأَوْصَى بِأَنْ تَبْقَى عِرَاصًا تُهَيَّبُ

55: وَسَارَ لِأَرْضِ حَيْثُ (إِسْحَاقُ) يَسْكُنُ

وَسَارَ لِأُخْرَى حَيْثُ (مَكَّةُ) تُعْرِبُ

56: وَأَوْصَى بِأَنْ يَأْتِي الْجَمِيْعُ لِـ(بَابِلٍ)

فَفِيْهَا مَكَانُ الْقُدْسِ بَيْتًا يُحَبَّبُ

57: وَعِنْدِي مِنَ الْجَزْمِ الأَكِيْدِ بِأَنَّهَا

مَدِيْنَةُ (سُوْرَى) فِي الزَّمَانِ تُقَلَّبُ

58: لَهَا فِيْ قَدِيْمِ الدَّهْرِ أَسْمَاءُ تُذْكَرُ

فـَ(حَرَّانُ) أَوْ (فَدَّانُ) (كُوْثَى) تُلَقّبُ

59: وَ(شُوْشٌ) وَ(بَاخَمْرَى) وَ(بَكَّةُ) بَيْتُهَا

وَ(سُوْرَا) بِهَا الأَثْمَارُ تُجْنَى وَتُطْلَبُ

60: وَفِيْ (بَابِلٍ) أَوْلَادُ (سَامٍ) تَرَعْرَعُوْا

وَتَاهَ بِهِمْ زَهْوٌ بِحَيْثُ تَجَلْبَبُوا

61: وَمِنْ بَعْدِ هٰذَا الْجَمْعِ جَاءَ تَفَرُّقٌ

وَمِنْ بَعْدِ جَمْعِ الشَّمْلِ جَاءَ التَّغَرُّبُ

62: فَذَا (إِرَمٌ) صَوْبَ الجَزِيْرَةِ قَصْدُهُ

وَ(عِيْلَامُ) أَضْحَى صَوْبَ (سُوْمَرَ) يَسْحَبُ

63: وَ(آشُوْرُ) قَدْ حَدَّ البِلَادَ شِمَالَهَا

وَأَضْحَى بَعِيْدًا فِيْ الغَوَا يَتَعَصَّبُ

64: لِـ(لَاوِذَ) صَارَتْ أَرْضُ (فَارِسَ) مَوْطنًا

لَهُ، وَلِأَوْلَادٍ لَهُ تَسْتَكْلِبُوْا

65: وَفِيْ (بَابِلٍ) مِنْ آلِ سَامٍ بَقِيَّةٌ

بِهَا (أَرْفَشَخْذٌ) يَسْتَحِثُّ وَيَغْلِبُ

66: فَذُوْ وِلْدُ (سَامٍ) إِذْ تَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ

بِكُلِّ جِهَاتِ الأَرْضِ طَوْعًا وَأَنْجَبُوا

67: تَكَاثَرَ نَسْلٌ وَاسْتَدَامَ وُجُوْدُهُمْ

وَحَرَّضَ جِيْلٌ فِي الْغَوَا يَسْتَرْهِبُ

68: إِلَى أَنْ أَتَى (نَمْرُوْدُ) يَغْوِي غِوَايَةً

يَظَلُّ يٌعَادِي اللهَ جَهْرًا وَيَنْكُبُ

69: فَآتَاهُ رَبُّ الْكَوْنِ فِيْهَا عُقُوْبَةً

يُنَخِّرُ أَحْوًالًا لَهُ وَيُخَرِّبُ

70: وَمِنْ بَعْدِ (نَمْرُوْدٍ) أَتَاهَا خَرَابُهَا

فَظَلَّتْ خَرَابًا تَسْتَغِيْثُ تُعَذَّبُ

71: وَ(إِسْحَاقُ) مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ بَنَى بِهَا

بِـ(رِفْقَا) لَهُ بَيْتًا عَزِيْزًا يُحَبَّبُ

72: فَـ(عِيْصٌ) وَ(إِسْرَائِيْلُ) أَوْلَادُ (يَسْحَقٍ)

وَمِنْ بَعْدِ ذَاكَ الْعَهْدِ جَاءَ التَّنَكُّبُ

73: فَغَادَرَ (إِسْرَائِيْلُ) دَارَ أَبِيْهِ فِيْ

نَهَارٍ لِـ(هَارَانَ) المَسِيْرُ  يُصَوّبُ

74: فَعَاشَ بِـ(فَدَّانٍ) يُرَاقِبُ خَالَهُ

وَعَمَّرَ فِيْهَا دَهْرَهُ يَتَرَهَّبُ

75: تَزَوَّجَ فِيْهَا ابْنَتَيْ خَالِهِ مَعًا،

وَزُوِّجَ فِيْهَا أُخْرَتَانِ، فَصَخَّبُوْا

76: وَقَامُوْا بِأَمْرِ اللهِ يَعْدُوْا وَيَكْبُرُوْا

لِـ(لَيَّا) وَ(رَاحِيْلَ) الْكَرِيْمَةِ يُنْسَبُوْا

77: وَمِنْ (رَاحِيْلَ) (يُوْسُفُ) وَارِثٌ

لِـ(يَعْقُوْبَ) عَهْدًا رَاسِخًا لَا يُسْحَبُ

78: فأنجَبَ أَوْلَادًا كَثِيْرًا عَدِيْدُهُمْ

هُمُ الآلُ وَالأَسْبَاطُ رَهْبًا تَرَهَّبُوْا

79: وَمِنْ بَعْدِ (فَدَّانٍ) لِـ(حَبْرُوْنَ) يَمَّمُوْا

وَمِنْ بَعْدِ (بِئْرِ السَّبْعِ) جَالُوْا وَكُبْكِبُوْا

80: فَعَاشُوْا بِظَهْرِ البَدْوِ فِيْهَا وَأَسَّسُوْا

لَهُمْ دَارَ سُكْنَى فِيْ البِلَادِ يُجَنَّبُ

81: وَمِنْ بَعْدِ مَا عَاثَ الفَسَادُ بِعَقْلِهِمْ

وَأَغْرَاهُمُ الشَّيْطَانُ بِالكُرْهِ يَنْدِبُ

82: تَنَاهُوْا لِأَنْ يَأْتِيْ لِـ(يُوْسُفَ) حَتْفُهُ

وَمَاجُوْا إِلَى أَنْ جَاءَ أَمْرٌ فغُلِّبُوْا

83: وَشَاءَ الِإلٰهُ الْحَقُّ الْعَلِيْمُ مَشِيْئَةً

فَيُنْفَى لِمِصْرٍ (يُوْسُفٌ) أو يهرّبُ

84: إلِى أَنْ أَتَى (مُوْسَى) الْكَلِيْمُ لِرَبِّهِ

يُجَادِلُ فِي الدِّيْنِ الْحَنِيْفِ وَيُسْهِبُ

85: فَعَاشَ مِنَ الأَعْوَامِ عَشْرًا بـ(بَابِلٍ)

يُوَالِي (شُعَيْبًا) وَالْجَمِيْعُ تَهَرَّبُوْا

86: وَزُوَّجَ (صَافُوْرَا)، وَعَاشَ بِظِلِّهِمْ

وَأَوْلَوْهُ مَعْرُوْفًا، إِلِيْهِ تَحَبَّبُوْا

87: وَنَازَعَ إِيْمَانًا، وَوَفَّى وَلِيَّهُ

ولُيِّنَ، إذ كان النَّبِيُّ يُصَلِّبُ

88: وَهَاجَرَ بالْعَهْدِ الوَثِيْقِ لِشَعْبِهِ

وَكَانَ يُرَى وَالبَأْسُ فِيْهِ يُقَطّبُ

89: بِـ(بَانِيْقِيَا) مَرَّتْ رِكَابُ مَسِيْرِهِ

وَكَانَ رَأَى نَارًا تَهُبُّ وَتَلْعَبُ

90: وَمِنْهَا أَتَاهُ الْأَمْرُ: إِئْتِ بِجَمْعِهِمْ

جُمُوْعٌ لِـ(إِسْرَائِيْلَ) تَحْبُوْا وَتَنْكُبُوْا

91: فَلَمَّا أَتَاهُمْ قَامَ فِيْهِمْ يَرُوْضُهُمْ

يُعَدِّلُ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَيُهَذِّبُ

92: وَيَنْصَحُ أَحْيَانًا وَأُخْرَى يُهَدِّدُ

وَيَبْحَثُ فِيْ أَفْكَارِهِمْ وَيُنَقِّبُ

93: وَوَاعَدَهُمْ لَوْ يَرْجِعُونَ يَنَالُهُمْ

مِنَ اللهِ وَعْدًا حَاسِمًا لَا يُعَذَّبُوْا

94: وَأَعْطُوْا لَهُ العَهْدَ الجَسِيْمَ وَشَارَطُوْا

بِأَنْ لَا يَمَسَّ القَوْمَ جُرْحُ وَيَغْلِبُوْا

95: فَأَعْطَاهُمُ العَهْدَ الوَثِيْقَ بِنَصْرِهِمْ

فَأَلْقَى بِهِمْ حَيْثُ السَّلَامَةُ تُطْلَبُ

96: إلَى أَرْضِ أَجْدَادٍ كِرَامٍ مَسِيْرُهُ

أَرَادَ إِلَى (فَدَّانَ) يَمْشِي وَيَذْهَبُ

97: فَرَاغُوْا جَمِيْعًا عَنْ وَفَاءِ عُهُدِهِمْ

وَغُيِّرَ طَبْعٌ فِيْهِمُ وَتَغَيَّبُوْا

98: وَقَالَ: ادْخُلُوْا البَابَ الكَرِيْمَ تَبَارَكُوْا

وَإِلَا فَفِيْ نَارِ الجَحيْمِ تُصَلَّبُوْا

99: فَهٰذَا قَرَارٌ، وَالإلٰهُ يُرِيْدُهُ

فَخَيْرُ الإلٰهِ الحَقِّ يَنْضُبُ يُحْجَبُ

100: فَفِرُّوْا إلَى اللهِ الكَرِيْمِ وَعَاوِدُوْا

أَلَا فِيْكُمُ حُرٌّ رَشِيْدٌ يُعَتَّبُ

101: فَأَعْطَى لَهُمُ نَصْحًا جَليْلًا يَرُوْعُهُمْ

وَمَا زَالَ فِيْهِمْ رَاجِيًا يَتَرَقَّبُ

102: وَإِذْ خَابَ سَعْيٌ مَا يَخِيْبُ نَوَالُهُ

وَرَدُّوْا كَلَامَ اللهِ قَصْدًا فَخُيِّبُوْا

103: إِذَ قَالَ رَبُّ الكَوْنِ أَمْرًا فَنَفِّذُوْا

وَإِلَّا فَفِيْ نَارٍ تَهُوْلُ تُعَذَّبُوْا

104: إِذَا تَدْخُلُوْا فاللهُ يَرْحَمُ جَمْعَكُمْ

وَإِلَّا فَنَارٌ لَا تَحِيْدُ وَتُحْجَبُ

105: وَبَعْدَ الأَيَاسِ المُرِّ قَرَّرَ تَرْكَهُمْ

عَلَيْهِمْ جَوًى مُرًّا وَرَهْقًا يُوْجَبُ

106: وَقَالَ الإلٰهُ الحَقٌّ قَوْلَةَ مُنْصِفٍ

سَيَأْتِيْ رِجَالٌ مِنْ (قُرَيْشَ) يُقَرَّبُوْا

107: مَأْوَاهُمُ مِنْ بَعْدِ أَنْ يُتَغَيَّبُوْا

وذَا الدِّيْنُ يُعْفَى والهُدَى يَتَغَيَّبُ

108: إِذَا الشَّمْسُ وَلّتْ لَا تَرُوْحُ لِغَرْبِهَا

وَعُطِّلَتِ الأَرْحَامُ وَالكُفْرُ مَغْلَبُ

109: إِذَا النَّارُ مِنْ شّرْقِ البِلَادِ تَنَفَّرَتْ

وَبَاتُوْا وَوَجْهُ الشَّمسِ يَحْكِي وَيَخْطُبُ

110: وّيَبْدُو لَهُمْ سِحْرُ الرِّجَالِ حَقِيْقَةً

وَفِيْ (مِصْرَ) يَبْدُو شَاهِدًا يَتَوَثَّبُ

111: وَكَمْ مِنْ عَلَامَاتٍ يَرَوْنَ حَقِيْقَةً

وَقَدْ رهَّبَ الكُفْرُ البَغِيْضُ يُعَبِّبُ

112: وَمَا هِيَ إِلَّا فُسْحَةٌ وَيَرَوْنَهُ

وقَدْ كَانَ نُوْرَا فِيْ السَّمَا يَتَغَيَّبُ

113: تَرَاهُ وقَدْ حَفَّ المَلَائِكُ رَكْبَهُ

لِـ(جِبْريْلَ) (إِسْرَافِيْلَ) رَكْبٌ مُرْعِبُ

114: فَذَاكَ الإِمَامُ الحَقُّ يَوْمَ إِيَابِهِ

بِهَا يَسْتَعِيْدُ الحَقَّ مَجْدًا، وَيَغْلِبُ

115: إمامٌ مِنَ اللهِ الكَرِيْمِ قِيَامُهُ

بـ(بَابِلَ) حَلَّتْ جُنْدُهُ تَتَوثّبوا

116: لـ(فَدَّانَ) تَأتِيْ مِنْ جُمُوعٍ تُنَاصِرُوا

وَتُرْهِبُوا أَعْدَاءً لَهُ وتُهَيِّبُوا