“المقهى” من التدخين والفساد إلى مكان للاستراحة الثقافية

جواد كاظم الرومي

أصبحت المقاهي مكانا لقضاء الوقت والخروج مع مجموعات من الأصدقاء أو الأقارب، على حسب العادة المعتادة في مثل هذه الأماكن. 

أعلنت قيادة شرطة كربلاء المقدسة في وقت سابق، إغلاق عدد من تلك المقاهي في كربلاء المقدسة بسبب عدم مراعاة التعليمات الصادرة من قبل الجهات الحكومية، وهو مشروع قالت عنه القيادة ذاتها إنه يهدف بشكل أساسي إلى تحسين الأمن الاجتماعي للمواطنين.

وخطة إغلاق المقاهي المعرضة للجريمة، وقد تم وضع اغلاق المقاهي على أجندة الشرطة والجهاز القضائي في البلاد منذ مدة طويلة، بسبب الطلبات والشكاوى المتكررة من الأهالي.

ولكن لماذا تسمى بعض المقاهي في كربلاء المقدسة بمراكز الجريمة؟ وعلى وفق المسح الميداني الذي تم إجراؤه بخصوص هذه المقاهي، التي يرتادها الشباب بشكل رئيس، أصبحت مكاناً للتجمعات و لقضاء بعض الوقت ، حيث، وعلى وفق العادة في مثل هذه الأماكن، تتم دعوة الأصدقاء لتدخين الاركيلة أو السجائر. وبهذه المظاهر أصبحت المقاهي مكانًا لتعاطي التبغ والتسكع للفتيات والفتيان للتعرف بشكل مريب على بعضهم البعض والخروج عن السلوك الاجتماعي العراقي بشكل عام والكربلائي بشكل خاص.

وبعيداً عن هذه القضايا، أصبحت المقاهي بحكم موقعها الفريد مكاناً مناسباً لمروجي الطقوس المنحرفة والصوفيات الناشئة وتواجد الشباب والفتيات المستعدين لتقبل أي نوع من الأفكار المسمومة في أذهانهم.

وتوجد نقطة أخرى يمكن اعتبارها من بين الأضرار الاجتماعية للمقاهي، وهي إنشاء أنظمة إنترنت عالية السرعة في هذه الأماكن غير الثقافية، حيث يتواجد فيها الشباب، بسبب بعدهم عن أسرهم ووجود إنترنت عالي السرعة، وهو ما يصعب عليهم الوصول إليه في المنزل، فهم ينجذبون إلى المجموعات المنحرفة في شبكات التواصل الاجتماعي المدمرة في هذه الاماكن.

ويعد تعاطي الفتيات للاركيلة في هذه الأماكن مشكلة أخرى أدت إلى استبعاد المقاهي من التجمعات العائلية بسبب صورتها الاجتماعية غير الملائمة وقد منعت السلطات المحلية تقديم الاركيلة الى النساء.

هل مشكلة الناس والجهاز القضائي هي في وجود مثل هذه الأماكن في المدينة؟ أم يمكن تحويل هذه الأماكن إلى أماكن ثقافية وتعليمية للشباب وبيئة آمنة للعائلات!

وعلى وفق الدراسة التي قدمها الدكتور سالم الطائي، بات من الضروري أن يكون هناك مكان لتبادل الآراء ووجهات النظر والزيارة بين الشباب، إذا كان التحرك في الاتجاه الصحيح . ومن أجل تحقيق رؤية واضحة وجلية ومواجهة المجتمع نحتاج في المستقبل إلى زيادة الثقافة الفكرية والروحية لمختلف شرائح المجتمع، وهو ما سيتحقق عن طريق انتشار الاستراحة الفكرية.

وصرّح خطيب المنبر الشيخ فاضل الجواهري أيضاً بخصوص هذا الأمر قائلاً: “بالطبع أنا أؤمن بأماكن استراحة مثل هذه. نحن أنفسنا كانت لدينا أماكن استراحة فكرية ودينية منذ سنوات. وكان بيتي مكاناً للاستراحة. وكانت لدينا أماكن في باب الخان و باب بغداد وكانت هذه الملتقيات أمرًا جيدًا… خصوصا أن هذه الجلسات عامة ويمكن للجميع القدوم و ليس لها أي قيود.”

ولهذا السبب بالتحديد، ظلت فكرة إنشاء أماكن يُمَكّن الشباب تبادل أفكارهم في بيئة هادئة وصحية راسخةً في أذهان السلطات الثقافية في البلاد. وإنشاء عدد من المراكز والمقاهي ، ذي الجانب الثقافي أحد الأمثلة المطلوبة على هذه الملتقيات.

ويذكر الحاج مهدي حساني أنّ أول مكان يتجمع فيه المثقفون والذي أصبح مشهورًا جدًا بين الشباب في كربلاء هو “مقهى علي هدلة”، وكان مكاناً مناسباً للدردشة وإنتاج مناقشات ذي توجه فكري تحل جزءً من احتياجات المجتمع واهتماماته. 

وقال الدكتور علاوي كاظم كشيش : إن التغيير في القناعات في هذا الخصوص لا يأتي فجأة ولا يأتي بالضغط القانوني . ولكن هناك جانب جدا فعال يمكن استثماره سريعا ليعطي نتائجاً باهرة وهو الجانب الصحي اذ يمكن شن حملة إعلامية مدعومة بالمتخصصين بالجانب الصحي ليرشدوا الشباب الى مضار هذه الأماكن والسلوكيات عن طريق برامج إعلامية من مسرح الشارع تمثل هذه الأماكن ونسأل الله العافية .

وتقول سيدة يمكن تطوير مثل هذه الخطط في المستقبل عن طريق افتتاح مقهى للنساء، حيث يمكن للفتيات الكربلائيات أن يجتمعن في بيئة سلمية وإسلامية من دون تبغ ويقيمن بزياراتهن اليومية.

ويبدو أن التوسع في مثل هذه المشاريع على مستوى المجتمع الكربلائي مفيداً جداً لتحسين المستوى الثقافي لشباب البلاد ومنع انجذاب الشباب والفتيات إلى بعض المراكز غير الأخلاقية، ولا مشكلة لدى الجهات الرسمية في بناء مقاهٍ ومحلات تجارية أو مراكز مماثلة تعتبر أماكن للاستراحة، وقد أصبح همّ المواطن الوحيد في كربلاء هو وجود بيئة صحية ومناسبة للشباب في هذه الأماكن.

الصورة: مقهى الزوراء