تباً للسقاية بكأس الذل

الوسطية – جاسم محمد حمزة

رب سائل يسأل ، لماذا اختير العنوان لهذا المقال ، فالرد هو لتفاخري ببطولات العراقي وانسانيته فمرة يصفه لي التاريخ في كل حقبه المتباينة أهلاً للعطاء والخير والشجاعة والمحبة والتسامح ، ومرة أخرى إنسان ميّال الى الاستقلالية والرخاء والسعة ، انطلاقا من إيمانه العميق في حق البقاء والعيش في أرض الوطن الذي شَرَّع الله تعالى حقوقا له في جميع كتبه السماوية أنْ لا نخل بأي منها ; لأن ذلك يُعَد من العقوق للوطن وحساب عقوق الوطن في يوم الجزاء كحساب عقوق الوالدين في اليوم ذاته ، بل أثقل من ذلك بكثير ، وبهذه الرؤى الوطنية التي هي وليدة الرؤى السماوية اكترثت أمتنا بأذن من سيد الخليقة (ص) بتشييد بناء الوحدة لَبِنة تِلْوَ لَبِنة استعدادا لنشر مبادئ العدل الإسلامية، ولمواجهة اي عدوان يشن على اراضي الوطن بالشجاعة الخارقة والاستبسال حد الموت .

وفي هذا المعنى الوطني إن جميع الكتب السماوية عاضدت الإنسان باللجوء إلى الاتحاد حينما تُدقُّ نواقيس الخطر ، والسيد في هذا الموقف هو الكتاب السماوي صاحب الباع الطويل والمحفز الوحيد للإنسان في مقابلة الخنوع الذي يفرض عليه بالرفض وعدم الاستكانة للباطل بكل ما أوتي من حشود عسكرية أطلسية تنفذ ما خطط لها من تدمير للقيم والتراث القومي تحت ذريعة ومسميات الحرب على الإرهاب والديكتاتورية ولولا جود الإنسان بنفسه دفاعاً عن دينه ووطنه وعِرْضِه لبقيت الأوطان عالقة بين ذل الاستعمار ووشاية اعوانه من العملاء والجواسيس إلى أبد الآبدين يستسقي ويأكل ابناءها من ما انعم الله عليها من خيرات , ولكن تحت وَطْأة المهانة والذل الذي كان يُشَبَّه قديماً كجهنم ولدينا من الدليل على ذلك قول عنترة بن شداد الرافض وغير القابل بالمهانة:

لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ

بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ

ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَـــنَّمٍ

وَجَهَــنَّـمٌ بِالعِــزِّ أَطيَبُ مَنــزِلِ

فيا أيها العراقي ، أنت ابن الأكارم وينبوع الثقافة والحكمة وابن حضارة سومر وأكد ابن معارك القادسية وحطين واليرموك والطف فَوحِّد الكلمة واهجر العيوب واعتصم بحبل الله تعالى وبانتفاضتك الباسلة سوف تبطش بالجبروت عدو الأمة الحقيقي الذي هو سبب الفتنة والتفريق فيما بيننا ، أجل إنه نعم الخيار والمنهل للاستسقاء بكأس العز والطريق الأوحد إلى السيادة والاستقلال ومني ألف تحية للشاعر الذي خط بأنامله وهو يقول :

عِش عَزيزاً أَو مُت وأَنت كَريم

بين طَعنِ القنا وخفقِ البنود