الصحافة العربية: إتلاف السلاح مقابل أوجلان والاعتراف السياسي بالعمال الكردستاني

أحرق مقاتلون ينتمون لحزب العمال الكردستاني أسلحتهم عند مدخل كهف في شمال العراق الجمعة، في خطوة أولى رمزية لكنها مهمة لإظهار جديتهم في تنفيذ قرار نزع السلاح، لكنهم في المقابل يريدون أن تتحرك تركيا من أجل تنفيذ وعودها بأن تطلق سراح الزعيم التاريخي للحزب عبدالله أوجلان، وفي نفس الوقت رفع الحظر عن الحزب والسماح له بالنشاط السياسي.

ويرى مراقبون أن الخطوة الرمزية الأولى وما قد يتبعها من خطوات لحرق السلاح أو إتلافه يمثلان اختبارا جديا لتفكير أنقرة في التعاطي مع الأزمة خاصة بعد أن راهن الأتراك على أن الحزب المحظور لن يفي بتعهداته، وأن ذلك يعطي مشروعية للجيش التركي للمزيد من الضغط العسكري، لكن الحزب نفذ ما وعد به، فكيف ستتصرف حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، بحسب تقرير لصحيفة العرب اللندنية، وتابعته الوسطية.

وفي أول تصريح اتسم بالحذر والريبة، اكتفى أردوغان بالإعراب عن أمله في أن تكون الخطوة الكردية فاتحة خير على طريق تحقيق هدف “تركيا خالية من الإرهاب.” وقال في منشور على إكس “نسأل الله أن يوفقنا في تحقيق أهدافنا على هذا الطريق الذي نسلكه من أجل أمن بلدنا وسلام أمتنا وإرساء سلام دائم في منطقتنا.”

وطالبت قيادية في حزب العمال الكردستاني في مقابلة مع وكالة فرانس برس الجمعة، بالإفراج عن الزعيم أوجلان المسجون منذ 1999 في سجن إيمرالي قبالة إسطنبول، مؤكدة أن عناصر الحزب يريدون العودة إلى تركيا والانخراط في حياتها السياسية.

ودشن ثلاثون مقاتلا من حزب العمال الكردستاني بينهم نساء الجمعة عملية إلقاء السلاح في مراسم قرب مدينة السليمانية بشمال العراق، بعد شهرين من إعلان المقاتلين الأكراد إنهاء أربعة عقود من نزاع مسلّح ضد الدولة التركية خلّف أكثر من 40 ألف قتيل.

وحضرت المراسيم شخصيات من المخابرات التركية والعراقية إضافة إلى مسؤولين في حكومة إقليم كردستان العراق وأعضاء بارزين في حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد الذي لعب أيضا دورا رئيسيا في تسهيل قرار نزع سلاح حزب العمال الكردستاني.

ونقلت رويترز عن مسؤول تركي كبير قوله إن تسليم الأسلحة يمثل “نقطة تحول لا رجوع عنها،” في حين قال مصدر حكومي آخر إن الخطوات التالية تتضمن إعادة دمج أعضاء الجماعة في المجتمع بشكل قانوني بالإضافة إلى جهود رأب الصدع في المجتمعات المحلية وتعزيز المصالحة. وقالت الرئيسة المشاركة للجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني بسي هوزات إن “ضمان الحرية الجسدية للزعيم آبو قانونيا، من خلال الضمانات القانونية، أمر ضروري… هذا هو شرطنا ومطلبنا الأساسي.” وأضافت “دون هذا التطور، من غير المرجح إلى حد كبير أن تستمر العملية بنجاح.”

وطالبت القيادية البالغة 47 عاما “الدولة التركية بأن تمنحنا الحق في الدخول في السياسة الديمقراطية،” مضيفة “نحن مستعدون للذهاب إلى تركيا للانخراط في السياسة الديمقراطية ونريد ذلك (…) لمواصلة نضالنا من أجل الحرية والديمقراطية وتعزيز الاشتراكية الديمقراطية في تركيا.”

وأكّدت القيادية التي التحقت بصفوف الحزب منذ كانت في السادسة عشرة، أن المقاتلين في حاجة إلى ضمانات أمنية للعودة إلى تركيا، موضحة “دون ضمانات قانونية ودستورية، سيكون مصيرنا السجن أو الموت.”

وخلال المراسيم الرمزية التي أُقيمت الجمعة، ألقى 30 مقاتلا من رجال ونساء في حضور ما يزيد على 300 شخص، بنادق ورشاشات في حفرة وأضرموا فيها النار. وبكى كثر من الحاضرين أمام المشهد فيما هتف آخرون “عاش آبو،” وهو لقب أوجلان.

ومن المتوقع أن يعود هؤلاء المقاتلون إلى جبال العراق حيث يتمركزون، حسبما قال مسؤول في الحزب في وقت سابق. واعتبر حزب المساواة وديمقراطية الشعوب التركي المؤيد للأكراد الجمعة أن تركيا تدخل “حقبة جديدة” بعد بدء حزب العمال الكردستاني نزع سلاحه.

وقال الحزب المعارض في بيان إن “قرار حزب العمال الكردستاني بالتخلي عن السلاح يضمن أن كل مشاكل تركيا ستحل من خلال الوسائل الديمقراطية، وليس القضية الكردية فحسب.”

وكان حزب العمال الكردستاني الذي أسسه أوجلان في نهاية سبعينات القرن الماضي، أعلن في 12 مايو حل نفسه وإلقاء السلاح، منهيا بذلك نزاعا تسبب لفترة طويلة في توتير علاقات السلطات التركية مع الأقلية الكردية والدول المجاورة. وجاء ذلك تلبية لدعوة أطلقها أوجلان في 27 فبراير من سجنه في جزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول.

وفي الأول من مارس، أعلن الحزب الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة “إرهابية”، وقف إطلاق النار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *